Jumlah Paparan Halaman

Ahad, 31 Julai 2011

PUASA RAMADHAN..

selamt mnjalani ibadah puasa bg seluruh ummat islam... rebutlah peluang keemasan ini untuk kita menambahkn lg ketakwaan kita dgn berpuasa disiang hari dn beribadat di malam hari.. di siang hari kita menahan nafsu perut, nafsu lidah, nafsu telinga, nafsu tangan dn kaki, dn juga nafsu syahwat.. dn pada mlm hari kita bykkn amaln2 sunnat,, sperti solt trawih, baca al-Quran, berzikir, meminta keampunan... semoga ramadhan kita tahun ini lebih diberkati dn dipenuhi dgn rahmat dn keampunan dari ALLAH(s.w.t).. buln ini adalah bulan rahmat, buln keampunan, bln yg penuh dgn keberkatan bg org2 yg bertakwa... didiklah diri kita dlm buln ini sehingga ia menjadi diri seorg yg bertakwa.. dn sebaik2 bekalan ialah takwa!!.. 

Khamis, 10 Mac 2011

How do I import and export blogs on Blogger?

How do I import and export blogs on Blogger?

حوار بين رافضي و نصراني و..... يهودي !!!

حوار بين رافضي و نصراني و..... يهودي !!!
ملحق #1 15/01/2011 06:59:23 ص
الرافضي : أنتم تزعمون أن المسيح صلب ليخلص الناس من خطيئة آدم لما أكل من الشجرة, والله يقول { ولا تزر وازرة وزر أخرى} .

النصراني : وأنتم فعلتم أشد من ذلك, فها أنتم تضربون أنفسكم وأطفالكم حتى يسيل الدم في صورة مقززة منفرة, تلومون أنفسكم وتعاقبونها لأن أجدادكم خذلوا الحسين ولم ينصروه, فما الفرق بيننا ؟.

الرافضي : أنتم غلوتم في المسيح وقلتم هو ابن الله وثالث ثلاثة .
النصراني : وأنتم قد غلوتم في الحسين وفى ألائمة حتى زعمتم أنهم كانوا قبل خلق العالم أنواراً, وأنهم يعلمون ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون, وأنهم يعلمون متى يموتون, ولا يموتون إلا باختيارهم !!.

الرافضي : أدعوك إلي عدم عبادة المسيح وألا تسموا أولادكم عبد المسيح فان المسيح عبد من عباد الله.
النصراني : وأنتم ألستم تدّعون أن علي قال : أنا وجه الله أنا جنب الله أنا الأول أنا الآخر, وتسمون أولادكم عبد الحسن وعبد الحسين مع أنهم أيضاً عباد لله ؟

الرافضي : أنتم ترجون من المسيح مالا ترجون من الله فتدعونه وتستغيثون به من دون الله , وتزورون قبور القديسين والرهبان وتعظمونها.

النصراني : وأنتم تدعون غير الله فتقولون يا علي !!... يا حسين !! وتطوفون حول قبور أئمتكم وتستغيثون بهم من دون الله وتلقون الأموال الطائلة عند قبورهم, بل إنكم تزعمون أن من زار قبر الحسين يوم عرفة كتب الله له ألف ألف حجة مع القائم, وتقولون أن قبر أمير المؤمنين يزوره الله مع الملائكة ويزوره الأنبياء ...!!.

الرافضي : أنتم أطريتم المسيح وغلوتم فيه حتى عبدتموه .

النصراني : وأنتم أطريتم الحسين والأئمة وتجاوزتم الحد في تعظيمهم حتى فضلتموهم على الأنبياء وقلتم بأن لهم مقاماً عظيماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل, وقلتم بعصمتهم عن الخطأ والسهو وأنهم يعلمون كل شئ في السموات وفى الأرض وأن علومهم كعلوم القرآن, فيكون المسيح عندنا كالأئمة عندكم .

الرافضي : أنتم قلتم إن مجرد حب المسيح والإيمان به كاف للنجاة والخلاص .

النصراني : وأنتم قلتم إن مجرد محبة أهل البيت كفارة وخلاص لا تضر المُحب لهم معها سيئة مادام محبا لآهل البيت, وتقولون : إن حب أهل البيت يحط الذنوب عن العباد كما تحط الشجرة ورقها, وأن حب علي حسنة لا تضر معها سيئة !!
الرافضي كتابكم أيها النصارى محرف ومتضمن للزيادة والنقصان .

النصراني : وأنتم معشر الشيعة زعمتم أيضا أن قرآنكم محرف زاد فيه الصحابة ونقصوا منه, ولا توجد نسخة كاملة صحيحة إلا التي يحتفظ بها إمامكم المهدي ذو الخمس سنوات في السرداب, والناس منذ أكثر من 1400سنة ضائعون بدون كتاب !!

الرافضي : وبعد هذا العرض هل ستدخل في الإسلام ؟

النصراني : أنا لا أعتقد أن هذا هو الإسلام الذي دخل فيه الصغير والكبير والعالم والمتعلم من أبناء ملتنا !! ... لأني لا أرى عندكم جديد, فعندكم من التناقضات أكثر مما عندنا, فهل هناك فِرَقٌ أخرى سواكم ؟
الرافضي : نعم هناك فرقة ضالة مضلة خرجت من الإسلام وهم النواصب ( يعني أهل السنة ).
ملحق #2 15/01/2011 06:59:53 ص
النصراني : وماذا يدعون ويعتقدون ؟

الرافضي : يدّعون أن القرآن كلام الله وأنه محفوظ بحفظه إلى قيام الساعة وأن الصحابة لم يرتدوا بعد موت الرسول وأن العصمة لا تكون إلا للأنبياء وأن محمد مات وقد أتم الدين – فلا يحتاج إلى زيادة – وأن عائشة مبرأة مما قيل فيها وأن زوجات الرسول مؤمنات طاهرات عفيفات, ولا يدعون ولا يستغيثون بأحد غير الله لا أنبياء ولا أولياء ولا أئمة ويقولون أن علم الله مطلق ويحرمون الطواف بالقبور أياً كان أصحابها و...

النصراني : نعم ... نعم ... هذا هو الدين الحق الذي كنت أبحث عنه وهو الذي أجبر الناس أن يدخلوا فيه أفواجاً لسماحته ولموافقته لفطرتهم !!

وبعد أن فقد الرافضي الأمل في تشيع النصراني , التفت إلى الشخص اليهودي, ودار بينهما الحوار التالي :

الرافضي : أنتم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون .

اليهودي : وأنتم تقولون لا دين لمن لا تقية له وأن تسعة أعشار دينكم كذب !

الرافضي : أنتم قلتم إن الله فقير ونحن أغنياء, ووصفتم الله بالجهل وبالتعب .

اليهودي : وأنتم تنسبون البداء إلى الله, وهو أن يظهر ويبدو لله أمر لم يكن عالماً به .

الرافضي : أنتم تبغضون جبريل وتقولون هو عدونا من الملائكة .

اليهودي : وأنتم كذلك تقول إن جبريل خائن وأنه أخطأ فنزل على محمد بالوحي وكان عليه أن يتنزل على علي ولهذا تقولون : ( خان الأمين وصدها عن حيدرى) وتقولون أيضاً ( تاه الأمين ) و (خان الأمين ) .

الرافضي : تتهمون مريم وتقولون عليها بهتاناً عظيماً.

اليهودي : وأنتم تقدحون في عرض نبيكم وتنسبون الفاحشة لعائشة وتقولون إنها جمعت أربعين ديناراً من خيانة .

الرافضي : أنتم تقولون إن السرقة من غير اليهودي لا تعد سرقة, وأن الزنا بغير اليهود لا عقاب عليه, وإن باقي الشعوب كالأنعام مسخرة لكم .

اليهودي : وأنتم تقولون إن الناصب ( أي السني ) حلال الدم وكل شيء يملكه حلال , وتقولون إن الناس كلهم أولاد زنا أو أولاد بغايا ما خلا شيعتكم .

الرافضي : وأخيراً ... هل ستدخل في ديننا ؟

اليهودي : ههههاه ..... دينكم هذا من صنعنا معشر يهود, فعبدالله بن سبأ منا وقد تظاهر بالإسلام , وهو أول من قال بإمامة علي وأنه وصيّ النبي وأظهر الطعن في أبي بكر وعمر, فكيف أدين بشيء وأنا أعلم فساده وبطلانه !! .


* * *******
سألت اليهودي : من خيار الناس عندكم ؟

قال : أصحاب موسى عليه الصلاة والسلام .

وسألت النصراني : من خيار الناس عندكم ؟

قال : حواري عيسى عليه الصلاة والسلام .
ثم سألت الرافضي : من شرار الناس عندكم ؟

قال : أصحاب رسول الله !.

قلت : تقصد الذين آمنوا به وصدقوه وأوذوا في سبيل ذلك وأخرجوا من ديارهم وهاجروا في سبيل الله وقاتلوا وقتلوا وحاربوا معه وسالموا وجاعوا وعطشوا وفدوه بأنفسهم وأموالهم وأهليهم وآووه ونصروه ؟

قال : نعم هم أولئك !

قلت : أخزاك الله وأخزى من يعتقد هذه الاعتقاد الفاسد بأفضل البشر بعد الأنبياء, ووالله لقد ضحك عليكم بن السوداء (عبد الله بن سبأ اليهودي) بهذه العقيدة الباطلة حتى لا تعتمدوا على ما رواه الصحابة العدول عن رسول الله ليخترع لكم هذا الدين المحرّف المبدل, ويشككم في الوحيين (الكتاب والسنة الصحيحة) حتى يشرّع لكم دين يخالف دين محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم , وتسيروا خلفه كالنعاج ليسوقكم سوقاً إلى سقر وبئس المصير .

وفي الختام أقول (( أغسل يدك من دين اليهود والنصارى والرافضة سبع مرات ومرة بالتراب

فصل فيما يبين أن ما نزه الله نفسه ونفاه عنه بقوله‏:‏ ‏{‏لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ‏}‏


فصل فيما يبين أن ما نزه الله نفسه ونفاه عنه بقوله‏:‏ ‏{‏لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ‏}‏
فصل
وهذا مما يبين أن ما نزه الله نفسه ونفاه عنه بقوله‏:‏ ‏{‏لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ‏}‏ وبقوله‏:‏ ‏{‏أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 151، 152‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتعالى عَمَّا يَصِفُونَ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 100، 101‏]‏، يعم جميع الأنواع التي تذكر في هذا الباب عن بعض الأمم، كما أن ما نفاه من اتخاذ الولد يعم أيضًا جميع أنواع الاتخاذات الاصطفائية، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَالَتِ اليهود وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 18‏]‏‏.‏قال السدي‏:‏ قالوا‏:‏ إن الله أوحي إلى إسرائيل أن ولدك بكري من الولد، فأدخلهم النار فيكونون فيها أربعين يومًا حتى تطهرهم وتأكل خطاياهم، ثم ينادي مناد‏:‏ أخرجوا كل مختون من بني إسرائيل‏.‏
وقد قال تعالى‏:‏ ‏{‏مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ‏}‏ ‏[‏المؤمنون‏:‏ 91‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏وَقُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 111‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا‏}‏ ‏[‏الفرقان‏:‏ 1، 2‏]‏ وقال‏:‏ ‏{‏وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 26‏:‏ 29‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 51‏:‏ 57‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُواْ وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا‏}‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 39‏:‏ 42‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 149‏:‏ 163‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى‏}‏ ‏[‏النجم‏:‏ 19‏:‏ 27‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 15‏]‏‏.‏
قال بعض المفسرين‏:‏ ‏{‏جُزْءًا‏}‏ أي‏:‏ نصيبًا وبعضًا‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ جعلوا لله نصيبًا من الولد‏.‏ وعن قتادة ومقاتل‏:‏ عدلا‏.‏ وكلا القولين صحيح؛ فإنهم يجعلون له ولدًا، والولد يشبه أباه؛ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا‏}‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 17‏]‏ أي‏:‏ البنات، كما قال في الآية الأخرى‏:‏ ‏{‏وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 58‏]‏، فقد جعلوها للرحمن مثلًا، وجعلوا له من عباده جزءًا، فإن الولد جزء من الوالد كما تقدم قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إنما فاطمة بضعة مني‏)‏‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 100‏]‏‏.‏ قال الكلبي‏:‏ نزلت في الزنادقة قالوا‏:‏ إن الله وإبليس شريكان، فالله خالق النور والناس والدواب والأنعام، وإبليس خالق الظلمة والسباع والحيات والعقارب‏.‏
وأما قوله‏:‏ ‏{‏وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏ 158‏]‏، فقيل‏:‏ قولهم‏:‏ الملائكة بنات الله، وسمي الملائكة جنًا؛ لاجتنانهم عن الأبصار، وهو قول مجاهد وقتادة‏.‏وقيل‏:‏ قالوا لحي من الملائكة يقال لهم‏:‏ الجن، ومنهم إبليس وهم بنات الله‏.‏وقال الكلبي قالوا لعنهم الله‏:‏ بل تزوج من الجن فخرج بينهما الملائكة‏.‏
وقوله‏:‏ ‏{‏وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 100‏]‏، قال بعض المفسرين كالثعلبي ‏:‏ وهم كفار العرب قالوا‏:‏ الملائكة والأصنام بنات الله‏.‏واليهود قالوا‏:‏ عزير ابن الله‏.‏والنصارى قالوا‏:‏ المسيح ابن الله‏.‏

فصل
وأما الذين كانوا يقولون من العرب‏:‏ إن الملائكة بنات الله، وما نقل عنهم من أنه صاهر الجن، فولدت له الملائكة فقد نفاه الله عنه بامتناع الصاحبة، وبامتناع أن يكون منه جزء فإنه صمد، وقوله‏:‏ ‏{‏وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 101‏]‏‏.‏ وهذا كما تقدم من أن الولادة لا تكون إلا من أصلين سواء في ذلك تولد الأعيان التي تسمي الجواهر، وتولد الأعراض والصفات، بل ولا يكون تولد الأعيان إلا بانفصال جزء من الوالد‏.‏فإذا امتنع أن يكون له صاحبة امتنع أن يكون له ولد، وقد علموا كلهم ألا صاحبة له لا من الملائكة ولا من الجن ولا من الإنس، فلم يقل أحد منهم‏:‏ إن له صاحبة؛ فلهذا احتج بذلك عليهم‏.‏وما حكي عن بعض كفار العرب‏:‏ أنه صاهر الجن، فهذا فيه نظر، وذلك إنكان قد قيل، فهو مما يعلم انتفاؤه من وجوه كثيرة، وكذلك ما قالته النصارى‏:‏ من أن المسيح ابن الله، وما قاله طائفة من اليهود‏:‏ إن العزير ابن الله، فإنه قد نفاه سبحانه بهذا وبهذا‏.‏
فإن قيل‏:‏ أما عوام النصارى، فلا تنضبط أقوالهم، وأما الموجود في كلام علمائهم وكتبهم، فإنهم يقولون‏:‏ إن أقنوم الكلمة، ويسمونها الابن تَدَرَّع المسيح، أي‏:‏ اتخذه درعًا، كما يتدرع الإنسان قميصه، فاللاهوت تدرع الناسوت‏.‏ويقولون‏:‏ باسم الأب والابن وروح القدس إله واحد‏.‏قيل قصدهم‏:‏ إن الرب موجود حي عليم، فالموجود هو الأب، والعلم هو الابن، والحياة هو روح القدس‏.‏هذا قول كثير منهم‏.‏ومنهم من يقول‏:‏ بل موجود عالم قادر‏.‏ويقول‏:‏ العلم هو الكلمة، وهو المتدرع‏.‏والقدرة‏:‏ هي روح القدس، فهم مشتركون في أن المتدرع هو أقنوم الكلمة وهي الابن‏.‏
ثم اختلفوا في التدرع واختلفوا‏:‏ هل هما جوهر أو جوهران‏؟‏ وهل لهما مشيء ة أو مشيء تان‏؟‏ ولهم في الحلول والاتحاد كلام مضطرب ليس هذا موضع بسطه، فإن مقالة النصارى فيها من الاختلاف بينهم ما يتعذر ضبطه، فإن قولهم ليس مأخوذًا عن كتاب منزل، ولا نبي مرسل، ولا هو موافق لعقول العقلاء، فقالت اليعقوبية‏:‏ صار جوهرًا واحدًا، وطبيعة واحدة، وأقنومًا واحدًا، كالماء في اللبن‏.‏وقالتالنسطورية‏:‏ بل هما جوهران وطبيعتان ومشيء تان؛ لكن حل اللاهوت في الناسوت حلول الماء في الظرف‏.‏وقالت الملكِيةُ‏:‏ بل هما جوهر واحد، له مشيء تان وطبيعتان، أو فعلان، كالنار في الحديد‏.‏
وقد ذهب بعض الناس إلى أن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 72‏]‏، هم اليعقوبية، وفي قوله‏:‏ ‏{‏وَقَالَتِ اليهود عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 30‏]‏، هم الملكية، وقوله‏:‏ ‏{‏لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 73‏]‏، هم النسطورية وليس بشيء، بل الفِرَق الثلاث تقول المقالات التي حكاها الله عز وجل عن النصارى، فكلهم يقولون‏:‏ إنه الله، ويقولون‏:‏ إنه ابن الله، وكذلك في أمانتهم التي هم متفقون عليها، يقولون‏:‏ إله حق من إله حق، وأما قوله‏:‏ ‏{‏ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ‏}‏، فإنه قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ‏}‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 116‏]‏‏.‏
قال أبو الفرج ابن الجوزي في قوله‏:‏ ‏{‏لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ‏}‏، قال المفسرون‏:‏ معنى الآية‏:‏ أن النصارى قالوا بأن الإلهية مشتركة بين الله وعيسى ومريم، كل واحد منهم إله‏.‏وذكر عن الزجاج‏:‏ الغلو‏:‏ مجاوزة القدر في الظلم، وغلو النصارى في عيسى قول بعضهم‏:‏ هو الله، وقول بعضهم‏:‏ هو ابن الله، وقول بعضهم‏:‏ هو ثالث ثلاثة، فعلماء النصارى الذين فسروا قولهم‏:‏ هو ابن الله بما ذكروه من أن الكلمة هي الابن، والفرق الثلاث متفقة على ذلك، وفساد قولهم معلوم بصريح العقل من وجوه‏:‏
أحدها‏:‏ أنه ليس في شيء من كلام الأنبياء تسمية صفة الله ابنا لا كلامه ولا غيره فتسميتهم صفة الله ابنا تحريف لكلام الأنبياء عن مواضعه، وما نقلوه عن المسيح من قوله‏:‏ عمدوا الناس باسم الأب والابن وروح القدس، لم يُرَد بالابن‏:‏ صفة الله التي هي كلمته، ولا بروح القدس‏:‏ حياته، فإنه لا يوجد في كلام الأنبياء إرادة هذا المعنى، كما قد بسط هذا في الرد على النصارى‏.‏
الوجه الثاني‏:‏ أن هذه الكلمة التي هي الابن أهي صفة الله قائمة به‏؟‏ أم هي جوهر قائم بنفسه‏؟‏ فإن كانت صفته؛ بطل مذهبهم من وجوه‏:‏
أحدها‏:‏ أن الصفة لا تكون إلهًا يخلق ويرزق ويحيي ويميت، والمسيح عندهم إله يخلق ويرزق، ويحيي ويميت، فإذا كان الذي تدرعه ليس بإله؛ فهو أولى ألا يكون إلهًا‏.‏
الثاني‏:‏ أن الصفة لا تقوم بغير الموصوف فلا تفارقه، وإن قالوا‏:‏ نزل عليه كلام الله أو قالوا‏:‏ إنه الكلمة أو غير ذلك، فهذا قدر مشترك بينه وبين سائر الأنبياء‏.‏
الثالث‏:‏ أن الصفة لا تتحد، وتتدرع شيئًا إلا مع الموصوف، فيكون الأب نفسه هو المسيح، والنصارى متفقون على أنه ليس هو الأب، فإن قولهم متناقض ينقض بعضه بعضًا، يجعلونه إلها يخلق ويرزق، ولا يجعلونه الأب الذي هو الإله، ويقولون‏:‏ إله واحد، وقد شبهه بعض متكلميهم كيحيي بن عدي بالرجل الموصوف بأنه طبيب وحاسب وكاتب، وله بكل صفة حكم، فيقال‏:‏ هذا حق، لكن قولهم ليس نظير هذا، فإذا قلتم‏:‏ إن الرب موجود حي عالم، وله بكل صفة حكم، فمعلوم أن المتحد إن كان هو الذات المتصفة، فالصفات كلها تابعة لها، فإنه إذا تدرع زيد الطبيب الحاسب الكاتب درعًا كانت الصفات كلها قائمة به، وإن كان المتدرع صفة دون صفة عاد المحذور، وإن قالوا‏:‏ المتدرع الذات بصفة دون صفة، لزم افتراق الصفتين، وهذا ممتنع؛ فإن الصفات القائمة بموصوف واحد وهي لازمة له لا تفترق، وصفات المخلوقين قد يمكن عدم بعضها مع بقاء الباقي، بخلاف صفات الرب تبارك وتعالى‏.‏
الرابع‏:‏ أن المسيح نفسه ليس هو كلمات الله، ولا شيئًا من صفاته، بل هو مخلوق بكلمة الله، وسمي كلمة؛ لأنه خلق بكن من غير الحَبَلِ المعتاد، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدم خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏ 59‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 34، 35‏]‏، ولو قدر أنه نفسه كلام الله، كالتوراة والإنجيل وسائر كلام الله، لم يكن كلام الله، ولا شيء من صفاته خالقًا ولا ربًا ولا إلها‏.‏فالنصارى إذا قالوا‏:‏ إن المسيح هو الخالق، كانوا ضالين من جهة جعل الصفة خالقة، ومن جهة جعله هو نفس الصفة، وإنما هو مخلوق بالكلمة، ثم قولهم بالتثليث وإن الصفات ثلاث باطل، وقولهم أيضًا بالحلول والاتحاد باطل، فقولهم يظهر بطلانه من هذه الوجوه وغيرها‏.‏
فلو قالوا‏:‏ إن الرب له صفات قائمة به، ولم يذكروا اتحادًا ولا حلولًا، كان هذا قول جماهير المسلمين المثبتين للصفات، وإن قالوا‏:‏ إن الصفات أعيان قائمة بنفسها، فهذا مكابرة، فهم يجمعون بين المتناقضين‏.‏
وأيضًا، فجعلهم عدد الصفات ثلاثة باطل؛ فإن صفات الرب أكثر من ذلك، فهو سبحانه موجود حي عليم قدير‏.‏والأقانيم عندهم التي جعلوها الصفات ليست إلا ثلاثة؛ ولهذا تارة يفسرونها بالوجود والحياة والعلم، وتارة يفسرونها بالوجود والقدرة والعلم، واضطرابهم كثير، فإن قولهم في نفسه باطل، ولا يضبطه عقل عاقل؛ ولهذا يقال‏:‏ لو اجتمع عشرة من النصارى، لافترقوا على أحد عشر قولا‏.‏
وأيضًا، فكلمات الله كثيرة لا نهاية لها، كما قال سبحانه وتعالى‏:‏ ‏{‏قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا‏}‏ ‏[‏الكهف‏:‏ 109‏]‏، وهذا قول جماهير الناس من المسلمين وغير المسلمين، وهذا مذهب سلف الأمة الذين يقولون‏:‏ لم يزل سبحانه متكلمًا بمشيء ته‏.‏وقول من قال‏:‏ إنه لم يزل قادرًا على الكلام لكن تكلم بمشيء ته، كلامًا قائمًا بذاته حادثا، وقول من قال‏:‏ كلامه مخلوق في غيره‏.‏
وأما من قال‏:‏ كلامه شيء واحد قديم العين، فهؤلاء منهم من يقول‏:‏ إنه أمور لا نهاية لها مع ذلك‏.‏ومنهم من يقول‏:‏ بل هو معنى واحد، ولكن العبارات عنه متعددة‏.‏وهؤلاء يمتنع عندهم أن يكون ذلك المعنى قائمًا بغير الله، وإنما يقوم بغيره عندهم العبارات المخلوقة، ويمتنع أن يكون المسيح شيئًا من تلك العبارات، فإذا امتنع أن يكون المسيح غير كلام الله على قول هؤلاء فعلى قول الجمهور أشد امتناعًا؛ لأن كلمات الله كثيرة، والمسيح ليس هو جميعها، بل ولا مخلوقًا بجميعها، إنما خُلِقَ بكلمة منها، وليس هو عين تلك الكلمة؛ فإن الكلمة صفة من الصفات، والمسيح عين قائم بنفسه‏.‏
ثم يقال لهم‏:‏ تسميتكم العلم والكلمة ولدًا وابنًا تسمية باطلة باتفاق العلماء والعقلاء، ولم ينقل ذلك عن أحد من الأنبياء‏.‏قالوا‏:‏ لأن الذاتيتولد عنها العلم والكلام كما يتولد ذلك عن نفس الرجل العالم منها، فيتولد من ذاته العلم والحكمة والكلام؛ فلهذا سميت الكلمة ابنا، قيل‏:‏ هذا باطل من وجوه‏:‏
أحدها‏:‏ أن صفاتنا حادثة تحدث بسبب تعلمنا ونظرنا وفكرنا واستدلالنا، وأما كلمة الرب وعلمه، فهو قديم لازم لذاته، فيمتنع أن يوصف بالتولد، إلا أن يدعي المدعي أن كل صفة لازمة لموصوفها متولدة عنه، وهي ابن له، ومعلوم أن هذا من أبطل الأمور في العقول واللغات؛ فإن حياة الإنسان ونطقه وغير ذلك من صفاته اللازمة له لا يقال‏:‏ إنها متولدة عنه، وإنها ابن له‏.‏وأيضًا فيلزم أن تكون حياة الرب أيضًا ابنه ومتولدة، وكذلك قدرته؛ وإلا فما الفرق بين تولد العلم وتولد الحياة والقدرة وغير ذلك من الصفات‏؟‏ ‏!‏
وثانيها‏:‏ أن هذا إن كان من باب تولد الجواهر والأعيان القائمة بنفسها؛ فلابد له من أصلين، ولابد أن يخرج من الأصل جزء‏.‏وأما علمنا وقولنا، فليس عينًا قائمًا بنفسه، وإن كان صفة قائمة بموصوف، وعرضًا قائمًا في محل كعلمنا وكلامنا، فذاك أيضًا لا يتولد إلا عن أصلين، ولابد له من محل يتولد فيه‏.‏والواحد منا لا يحدث له العلم والكلام إلا بمقدمات تتقدم على ذلك، وتكون أصولًا للفروع، ويحصل العلم والكلام في محل لم يكن حاصلًا فيه قبل ذلك‏.‏
فإن قلتم‏:‏ إن علم الرب كذلك، لزم أن يصير عالمًا بالأشياء بعد أن لم يكن عالمًا بها، وأن تصير ذاته متكلمة بعد أن لم يكن متكلمًا‏.‏ وهذا مع أنه كفر عند جماهير الأمم من المسلمين والنصارى وغيرهم فهو باطل في صريح العقل؛ فإن الذات التي لا تكون عالمة يمتنع أن تجعل نفسها عالمة بلا أحد يعلمها، والله تعالى يمتنع عليه أن يكون متعلمًا من خلقه، وكذلك الذات التي تكون عاجزة عن الكلام، يمتنع أن تصير قادرة عليه بلا أحد يجعلها قادرة، والواحد منها لا يولد جميع علومه، بل ثَمَّ علوم خلقت فيه لا يستطيع دفعها، فإذا نظر فيها حصلت له علوم أخرى، فلا يقول أحد من بني آدم‏:‏ إن الإنسان يولد علومه كلها، ولا يقول أحد‏:‏ إنه يجعل نفسه متكلمة بعد أن لم تكن متكلمة، بل الذي يقدره على النطق هو الذي أنطق كل شيء‏.‏
فإن قالوا‏:‏ إن الرب يولد بعض علمه، وبعض كلامه دون بعض، بطل تسمية العلم الذي هو الكلمة مطلقًا الابن وصار لفظ الابن إنما يسمي به بعض علمه، أو بعض كلامه، وهم يدَّعُونَ أن المسيح هو الكلمة، وهو أقنوم العلم مطلقًا، وذلك ليس متولدًا عنه كله، ولا يسمي كله ابنا باتفاق العقلاء‏.‏
وثالثها‏:‏ أن يقال‏:‏ تسمية علم العالم وكلامه ولدًا له لا يعرف في شيء من اللغات المشهورة، وهو باطل بالعقل؛ فإن علمه وكلامه كقدرته وعلمه، فإنجاز هذا، جاز تسمية صفات الإنسان كلها الحادثة متولدات عنه له، وتسميتها أبناءه‏.‏ومن قال من أهل الكلام القدرية‏:‏ إن العلم الحاصل بالنظر متولد عنه، فهو كقوله‏:‏ إن الشِّبَع والرِّي متولد عن الأكل والشرب، لا يقول‏:‏ إن العلم ابنه وولده، كما لا يقول‏:‏ إن الشبع والري ابنه ولا ولده؛ لأن هذا من باب تولد الأعراض والمعاني القائمة بالإنسان، وتلك لا يقال‏:‏ إنها أولاده وأبناؤه‏.‏ومن استعار فقال‏:‏ بنيات فكره، فهو كما يقال‏:‏ بنيات الطريق‏.‏ ويقال‏:‏ ابن السبيل‏.‏ ويقال لطير الماء‏:‏ ابن ماء‏.‏وهذه تسمية مقيدة، قد عرف أنها ليس المراد بها ما هو المعقول من الأب والابن والوالد والولد‏.‏وأيضًا، فكلام الأنبياء ليس في شيء منه تسمية شيء من صفات الله ابنًا، فمن حمل شيئًا من كلام الأنبياء على ذلك فقد كذب عليهم، وهذا مما يقِر به علماء النصارى وما وجد عندهم من لفظ الإبن في حق المسيح وإسرائيل وغيرهما، فهو اسم للمخلوق لا لشيء من صفات الخالق، والمراد به أنه مكرم معظم‏.‏
ورابعها‏:‏ أن يقال‏:‏ فإذا قدر أن الأمر كذلك، فالذي حصل للمسيح إن كان هو ما علمه الله إياه من علمه وكلامه، فهذا موجود لسائر النبيين، فلا معنى لتخصيصه بكونه ابن الله، وإن كان هو أن العلم والكلام إله اتحد به فيكون العلم والكلام جوهرًا قائمًا بنفسه، فإن كان هو الأب فيكون المسيح هو الأب، وإن كان العلم والكلام جوهرًا آخر، فيكون إلهان قائمان بأنفسهما، فتبين فساد ما قالوه بكل وجه‏.‏
وخامسها‏:‏ أن يقال‏:‏ من المعلوم عند الخاصة والعامة أن المعنى الذي خص به المسيح إنما هو أن خُلِقَ من غير أب، فلما لم يكن له أب من البشر، جعل النصارى الرب أباه، وبهذا ناظر نصاري نجران النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا‏:‏ إن لم يكن هو ابن الله، فقل لنا من أبوه‏؟‏ فعلم أن النصارى إنما ادعوا فيه البنوة الحقيقية، وأن ما ذكر من كلام علمائهم هو تأويل منهم للمذهب؛ ليزيلوا به الشناعة التي لا يبلغها عاقل، وإلا فليس في جعله ابن الله وجه يختص به معقول، فعلم أن النصارى جعلوه ابن الله، وأن الله أحْبَلَ مريم، والله هو أبوه، وذلك لا يكون إلا بإنزال جزء منه فيها، وهو سبحانه الصمد، ويلزمهم أن تكون مريم صاحبة وزوجة له؛ ولهذا يتألهونها كما أخبر الله عنهم‏.‏وأي معنى ذكروه في بنوة عيسى غير هذا لم يكن فيه فرق بين عيسى وبين غيره، ولا صار فيه معنى البنوة، بل قالوا كما قال بعض مشركي العرب ‏:‏ إنه صاهر الجن فولدت له الملائكة‏.‏وإذا قالوا‏:‏ اتخذه ابنًا على سبيل الاصطفاء، فهذا هو المعنى الفعلي، وسيأتي إن شاء الله تعالى إبطاله‏.‏
وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَرُوحٌ مِّنْهُ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 171‏]‏، ليس فيه أن بعض الله صار في عيسي، بل من لابتداء الغاية، كما قال‏:‏ ‏{‏وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ‏}‏ ‏[‏الجاثية‏:‏ 13‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 53‏]‏، وما أضيف إلى الله أو قيل هو منه فعلى وجهين‏:‏ إن كان عينًا قائمة بنفسها؛ فهو مملوك له، ومن لابتداء الغاية، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 17‏]‏، وقال في المسيح‏:‏ ‏{‏وَرُوحٌ مِّنْهُ‏}‏‏.‏وما كان صفة لا يقوم بنفسه كالعلم والكلام فهو صفة له، كما يقال‏:‏ كلام الله، وعلم الله، وكما قال تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 102‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 114‏]‏‏.‏
وألفاظ المصادر يعبر بها عن المفعول، فيسمي المأمور به أمرًا، والمقدور قدرة، والمرحوم به رحمة، والمخلوق بالكلمة كلمة، فإذا قيل في المسيح‏:‏ إنه كلمة الله، فالمراد به أنه خُلِقَ بكلمة قوله‏:‏ ‏[‏كن‏]‏، ولم يخلق على الوجه المعتاد من البشر، وإلا فعيسى بشر قائم بنفسه ليس هو كلاما صفة للمتكلم يقوم به، وكذلك إذا قيل عن المخلوق‏:‏ إنه أمر الله، فالمراد أن الله كونه بأمره، كقوله‏:‏ ‏{‏أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 1‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ‏}‏ ‏[‏هود‏:‏ 82‏]‏، فالرب تعالى أحد صمد، لا يجوز أن يتبعض ويتجزأ، فيصير، بعضه في غيره، سواء سمي ذلك روحًا أو غيره، فبطل ما يتوهمه النصارى من كونه ابنًا له، وتبين أنه عبد من عباد الله‏.‏
وقد قيل‏:‏ منشأ ضلال القوم أنه كان في لغة من قبلنا يعبر عن الرب بالأب، وبالابن عن العبد المربي الذي يربه الله ويربيه، فقال المسيح‏:‏ عمدوا الناس باسم الأب والابن وروح القدس، فأمرهم أن يؤمنوا بالله ويؤمنوا بعبده ورسوله المسيح، ويؤمنوا بروح القدس جبريل، 

الأ مر على طاعة الأمير مادام لا يأمر بمعصية الله تعالى

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا قَالَ الْبُخَارِيّ : حَدَّثَنَا صَدَقَة بْن الْفَضْل حَدَّثَنَا حَجَّاج بْن مُحَمَّد الْأَعْوَر عَنْ اِبْن جُرَيْج عَنْ يَعْلَى بْن مُسْلِم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس " أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ " قَالَ : نَزَلَتْ فِي عَبْد اللَّه بْن حُذَافَة بْن قَيْس بْن عَدِيّ إِذْ بَعَثَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّة وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ بَقِيَّة الْجَمَاعَة إِلَّا اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث حَجَّاج بْن مُحَمَّد الْأَعْوَر بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن غَرِيب وَلَا نَعْرِفهُ إِلَّا مِنْ حَدِيث اِبْن جُرَيْج وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَنْ الْأَعْمَش عَنْ سَعْد بْن عُبَيْدَة عَنْ أَبِي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمِيّ عَنْ عَلِيّ قَالَ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّة وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَار فَلَمَّا خَرَجُوا وَجَدَ عَلَيْهِمْ فِي شَيْء قَالَ : فَقَالَ لَهُمْ : أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَكُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي ؟ قَالُوا بَلَى . قَالَ : فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا . ثُمَّ دَعَا بِنَارٍ فَأَضْرَمَهَا فِيهَا ثُمَّ قَالَ : عَزَمْت عَلَيْكُمْ لَتَدْخُلُنَّهَا قَالَ : فَقَالَ لَهُمْ شَابّ مِنْهُمْ إِنَّمَا فَرَرْتُمْ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّار فَلَا تَعْجَلُوا حَتَّى تَلْقَوْا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوهَا فَادْخُلُوهَا قَالَ فَرَجَعُوا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ لَهُمْ " لَوْ دَخَلْتُمُوهَا مَا خَرَجْتُمْ مِنْهَا أَبَدًا إِنَّمَا الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف " أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث الْأَعْمَش بِهِ . وَقَالَ أَبُو دَاوُد : حَدَّثَنَا مُسَدَّد حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْد اللَّه حَدَّثَنَا نَافِع عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " السَّمْع وَالطَّاعَة عَلَى الْمَرْء الْمُسْلِم فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ مَا لَمْ يُؤْمَر بِمَعْصِيَةٍ فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْع وَلَا طَاعَة " وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيث يَحْيَى الْقَطَّان. وَعَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت قَالَ : بَايَعْنَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْع وَالطَّاعَة فِي مَنْشَطنَا وَمَكْرَهنَا وَعُسْرنَا وَيُسْرنَا وَأَثَرَة عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِع الْأَمْر أَهْله قَالَ " إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدكُمْ فِيهِ مِنْ اللَّه بُرْهَان " أَخْرَجَاهُ . وَفِي الْحَدِيث الْآخَر عَنْ أَنَس أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " اِسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْد حَبَشِيّ كَأَنَّ رَأْسه زَبِيبَة " رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ أَسْمَع وَأُطِيع وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مَجْدُوع الْأَطْرَاف . رَوَاهُ مُسْلِم وَعَنْ أُمّ الْحُصَيْن أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب فِي حَجَّة الْوَدَاع يَقُول " وَلَوْ اُسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْد يَقُودكُمْ بِكِتَابِ اللَّه اِسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا " رَوَاهُ مُسْلِم وَفِي لَفْظ لَهُ " عَبْدًا حَبَشِيًّا مَجْدُوعًا " وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُسْلِم الطُّوسِيّ حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي فُدَيْك حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُرْوَة عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِي صَالِح السَّمَّان عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " سَيَلِيكُمْ وُلَاة بَعْدِي فَيَلِيكُمْ الْبَرّ بِبِرِّهِ وَالْفَاجِر بِفُجُورِهِ فَاسْمَعُوا لَهُمْ وَأَطِيعُوا فِي كُلّ مَا وَافَقَ الْحَقّ وَصَلُّوا وَرَاءَهُمْ فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ " وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيل تَسُوسهُمْ الْأَنْبِيَاء كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيّ خَلَفَهُ نَبِيّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاء فَيُكْثِرُونَ قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه فَمَا تَأْمُرنَا ؟ قَالَ : " أَوْفُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّل فَالْأَوَّل وَأَعْطُوهُمْ حَقّهمْ فَإِنَّ اللَّه سَائِلهمْ عَمَّا اِسْتَرْعَاهُمْ " أَخْرَجَاهُ. وَعَنْ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيره شَيْئًا فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَد يُفَارِق الْجَمَاعَة شِبْرًا فَيَمُوت إِلَّا مَاتَ مِيتَة جَاهِلِيَّة " أَخْرَجَاهُ . وَعَنْ اِبْن عُمَر أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَة لَقِيَ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة لَا حُجَّة لَهُ وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقه بَيْعَة مَاتَ مِيتَة جَاهِلِيَّة " رَوَاهُ مُسْلِم . وَرَوَى مُسْلِم أَيْضًا عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد رَبّ الْكَعْبَة قَالَ : دَخَلْت الْمَسْجِد فَإِذَا عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ جَالِس فِي ظِلّ الْكَعْبَة وَالنَّاس مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ فَأَتَيْتهمْ فَجَلَسْت إِلَيْهِ فَقَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَر فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِح خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِل وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَره إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّلَاةَ جَامِعَةً فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيّ مِنْ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلّ أُمَّته عَلَى خَيْر مَا يَعْلَمهُ لَهُمْ وَيُنْذِرهُمْ شَرّ مَا يَعْلَمهُ لَهُمْ وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّة جُعِلَتْ عَافِيَتهَا فِي أَوَّلهَا وَسَيُصِيبُ آخِرهَا بَلَاء وَأُمُور يُنْكِرُونَهَا وَتَجِيء فِتَن يُرَفِّق بَعْضهَا بَعْضًا وَتَجِيء الْفِتْنَة فَيَقُول الْمُؤْمِن هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِف وَتَجِيء الْفِتْنَة فَيَقُول الْمُؤْمِن هَذِهِ هَذِهِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَح عَنْ النَّار وَيَدْخُل الْجَنَّة فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّته وَهُوَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاس الَّذِي يُحِبّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَة يَده وَثَمَرَة فُؤَاده فَلْيُطِعْهُ إِنْ اِسْتَطَاعَ فَإِنْ جَاءَ آخَر يُنَازِعهُ فَاضْرِبُوا عُنُق الْآخَر قَالَ فَدَنَوْت مِنْهُ فَقُلْت : أَنْشُدك بِاَللَّهِ آنْتَ سَمِعْت هَذَا مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ وَقَلْبه بِيَدَيْهِ وَقَالَ : سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي , فَقُلْت لَهُ : هَذَا اِبْن عَمّك مُعَاوِيَة يَأْمُرنَا أَنْ نَأْكُل أَمْوَالنَا بَيْننَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُل بَعْضًا بَعْضًا وَاَللَّه تَعَالَى يَقُول " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُون تِجَارَة عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ إِنَّ اللَّه كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا " قَالَ : فَسَكَتَ سَاعَة ثُمَّ قَالَ : أَطِعْهُ فِي طَاعَة اللَّه وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَة اللَّه. وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا كَثِيرَة . وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن الْفَضْل حَدَّثَنَا أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله " أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ " قَالَ : بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ سَرِيَّة عَلَيْهَا خَالِد بْن الْوَلِيد وَفِيهَا عَمَّار بْن يَاسِر فَسَارُوا قِبَل الْقَوْم الَّذِينَ يُرِيدُونَ فَلَمَّا بَلَغُوا قَرِيبًا مِنْهُمْ عَرَّسُوا وَأَتَاهُمْ ذُو الْعُيَيْنَتَيْنِ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَصْبَحُوا وَقَدْ هَرَبُوا غَيْر رَجُل أَمَرَ أَهْله فَجَمَعُوا مَتَاعهمْ ثُمَّ أَقْبَلَ يَمْشِي فِي ظُلْمَة اللَّيْل حَتَّى أَتَى عَسْكَر خَالِد فَسَأَلَ عَنْ عَمَّار بْن يَاسِر فَأَتَاهُ فَقَالَ : يَا أَبَا الْيَقْظَان إِنِّي قَدْ أَسْلَمْت وَشَهِدْت أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله لِأَنَّ قَوْمِي لَمَّا سَمِعُوا بِكُمْ هَرَبُوا وَإِنِّي بَقِيت فَهَلْ إِسْلَامِي نَافِعِي غَدًا وَإِلَّا هَرَبْت ؟ قَالَ عَمَّار : بَلْ هُوَ يَنْفَعك فَأَقِمْ فَأَقَامَ . فَلَمَّا أَصْبَحُوا أَغَارَ خَالِد فَلَمْ يَجِد أَحَدًا غَيْر الرَّجُل فَأَخَذَهُ وَأَخَذَ مَاله فَبَلَغَ عَمَّارًا الْخَبَر فَأَتَى خَالِدًا فَقَالَ : خَلِّ عَنْ الرَّجُل فَإِنَّهُ قَدْ أَسْلَمَ وَإِنَّهُ فِي أَمَان مِنِّي فَقَالَ خَالِد : وَفِيمَ أَنْتَ تُجِير ؟ فَاسْتَبَّا وَارْتَفَعَا إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجَازَ أَمَان عَمَّار وَنَهَاهُ أَنْ يُجِير الثَّانِيَة عَلَى أَمِير فَاسْتَبَّا عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ خَالِد يَا رَسُول اللَّه أَتَتْرُكُ هَذَا الْعَبْد الْأَجْدَع يَسُبّنِي فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا خَالِد لَا تَسُبّ عَمَّارًا فَإِنَّهُ مَنْ سَبَّ عَمَّارًا يَسُبّهُ اللَّه , وَمَنْ يُبْغِض عَمَّارًا يُبْغِضهُ اللَّه وَمَنْ يَلْعَن عَمَّارًا لَعَنَهُ اللَّه " فَغَضِبَ عَمَّار فَقَامَ فَتَبِعَهُ خَالِد فَأَخَذَ بِثَوْبِهِ فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَرَضِيَ عَنْهُ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَوْله " أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ " وَهَكَذَا رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم مِنْ طَرِيق عَنْ السُّدِّيّ مُرْسَلًا وَرَوَاهُ اِبْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ رِوَايَة الْحَكَم بْن ظُهَيْر عَنْ السُّدِّيّ عَنْ أَبِي صَالِح عَنْ اِبْن عَبَّاس فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَالَ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ " يَعْنِي أَهْل الْفِقْه وَالدِّين وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَعَطَاء وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَأَبُو الْعَالِيَة " وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ " يَعْنِي الْعُلَمَاء وَالظَّاهِر وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّهَا عَامَّة فِي كُلّ أُولِي الْأَمْر مِنْ الْأُمَرَاء وَالْعُلَمَاء كَمَا تَقَدَّمَ . وَقَالَ تَعَالَى " لَوْلَا يَنْهَاهُمْ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَار عَنْ قَوْلهمْ الْإِثْم وَأَكْلهمْ السُّحْت " وَقَالَ تَعَالَى " فَاسْأَلُوا أَهْل الذِّكْر إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ " وَفِي الْحَدِيث الصَّحِيح الْمُتَّفَق عَلَى صِحَّته عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَا اللَّه وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ عَصَا أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي " فَهَذِهِ أَوَامِر بِطَاعَةِ الْعُلَمَاء وَالْأُمَرَاء وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " أَطِيعُوا اللَّه " أَيْ اِتَّبِعُوا كِتَابه وَأَطِيعُوا الرَّسُول أَيْ خُذُوا بِسُنَّتِهِ وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ أَيْ فِيمَا أَمَرُوكُمْ بِهِ مِنْ طَاعَة اللَّه لَا فِي مَعْصِيَة اللَّه فَإِنَّهُ لَا طَاعَة لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَة اللَّه كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح " إِنَّمَا الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف " وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن حَدَّثَنَا هَمَّام حَدَّثَنَا قَتَادَة عَنْ اِبْن حُرَيْث عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْن عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا طَاعَة فِي مَعْصِيَة اللَّه " . وَقَوْله " فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّه وَالرَّسُول " قَالَ مُجَاهِد وَغَيْر وَاحِد مِنْ السَّلَف أَيْ إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله. وَهَذَا أَمْر مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " بِأَنَّ كُلّ شَيْء تَنَازَعَ النَّاس فِيهِ مِنْ أُصُول الدِّين وَفُرُوعه أَنْ يُرَدّ التَّنَازُع فِي ذَلِكَ إِلَى الْكِتَاب وَالسُّنَّة كَمَا قَالَ تَعَالَى وَمَا اِخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْء فَحُكْمه إِلَى اللَّه فَمَا حَكَمَ بِهِ الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَشَهِدَا لَهُ بِالصِّحَّةِ فَهُوَ الْحَقّ وَمَاذَا بَعْد الْحَقّ إِلَّا الضَّلَال وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر " أَيْ رُدُّوا الْخُصُومَات وَالْجَهَالَات إِلَى كِتَاب اللَّه وَسُنَّة رَسُوله فَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِمَا فِيمَا شَجَرَ بَيْنكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَحَاكَم فِي مَحَلّ النِّزَاع إِلَى الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَلَا يَرْجِع إِلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر وَقَوْله " ذَلِكَ خَيْر أَيْ التَّحَاكُم إِلَى كِتَاب اللَّه " وَسُنَّة رَسُوله وَالرُّجُوع إِلَيْهِمَا فِي فَصْل النِّزَاع خَيْر وَأَحْسَن تَأْوِيلًا أَيْ وَأَحْسَن عَاقِبَة وَمَآلًا كَمَا قَالَهُ السُّدِّيّ وَغَيْر وَاحِد . وَقَالَ مُجَاهِد : وَأَحْسَن جَزَاء وَهُوَ قَرِيب

مسألة في تسمية المخلوق باسم الله تعالى


وَاسْمه تَعَالَى الرَّحْمَن خَاصّ بِهِ لَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْره كَمَا قَالَ تَعَالَى " قُلْ اُدْعُوا اللَّهَ أَوْ اُدْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى " وَقَالَ تَعَالَى " وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِك مِنْ رُسُلنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُون الرَّحْمَن آلِهَة يُعْبَدُونَ " وَلَمَّا تَجَهْرَمَ مُسَيْلِمَة الْكَذَّاب وَتَسَمَّى بِرَحْمَنِ الْيَمَامَة كَسَاهُ اللَّه جِلْبَاب الْكَذِب وَشَهَّرَ بِهِ فَلَا يُقَال إِلَّا مُسَيْلِمَة الْكَذَّاب فَصَارَ يُضْرَب بِهِ الْمَثَل فِي الْكَذِب بَيْن أَهْل الْحَضَر مِنْ أَهْل الْمَدَر وَأَهْل الْوَبَر مِنْ أَهْل الْبَادِيَة وَالْأَعْرَاب. وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الرَّحِيم أَشَدّ مُبَالَغَة مِنْ الرَّحْمَن لِأَنَّهُ أُكِّدَ بِهِ وَالْمُؤَكِّد لَا يَكُون إِلَّا أَقْوَى مِنْ الْمُؤَكَّد . وَالْجَوَاب أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَاب التَّأْكِيد وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَاب النَّعْت وَلَا يَلْزَم فِيهِ مَا ذَكَرُوهُ وَعَلَى هَذَا فَيَكُون تَقْدِير اِسْم اللَّه الَّذِي لَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَد غَيْره وَوَصَفَهُ أَوَّلًا بِالرَّحْمَنِ الَّذِي مَنَعَ مِنْ التَّسْمِيَة بِهِ لِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى " قُلْ اُدْعُوا اللَّهَ أَوْ اُدْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى " وَإِنَّمَا تَجَهْرَمَ مُسَيْلِمَة الْيَمَامَة فِي التَّسَمِّي بِهِ وَلَمْ يُتَابِعهُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الضَّلَالَة وَأَمَّا الرَّحِيم فَإِنَّهُ تَعَالَى وَصَفَ بِهِ غَيْرَهُ حَيْثُ قَالَ " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول مِنْ أَنْفُسكُمْ عَزِيز عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيص عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوف رَحِيم " كَمَا وَصَفَ غَيْرَهُ بِذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَة أَمْشَاج نَبْتَلِيه فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا " وَالْحَاصِل أَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى مَا يُسَمَّى بِهِ غَيْره وَمِنْهَا مَا لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْره كَاسْمِ اللَّه وَالرَّحْمَن وَالْخَالِق وَالرَّزَّاق وَنَحْو ذَلِكَ فَلِهَذَا بَدَأَ بِاسْمِ اللَّه وَوَصَفَهُ بِالرَّحْمَنِ لِأَنَّهُ أَخَصّ وَأَعْرَف مِنْ الرَّحِيم لِأَنَّ التَّسْمِيَة أَوَّلًا إِنَّمَا تَكُون بِأَشْرَف الْأَسْمَاء فَلِهَذَا اِبْتَدَأَ بِالْأَخَصِّ فَالْأَخَصّ فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا كَانَ الرَّحْمَن أَشَدّ مُبَالَغَة فَهَلَّا اِكْتَفَى بِهِ عَنْ الرَّحِيم فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَطَاء الْخُرَاسَانِيّ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمَّا تَسَمَّى غَيْره تَعَالَى بِالرَّحْمَنِ جِيءَ بِلَفْظِ الرَّحِيم لِيَقْطَعَ الْوَهْم بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُوصَف بِالرَّحْمَنِ الرَّحِيم إِلَّا اللَّه تَعَالَى كَذَا رَوَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ عَطَاء وَوَجَّهَهُ بِذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم . وَقَدْ زَعَمَ بَعْضهمْ أَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعْرِف الرَّحْمَن حَتَّى رَدَّ اللَّه عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " قُلْ اُدْعُوا اللَّهَ أَوْ اُدْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُو فَلَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى " وَلِهَذَا قَالَ كُفَّار قُرَيْش يَوْمَ الْحُدَيْبِيَة لَمَّا قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ " اُكْتُبْ " بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم " فَقَالُوا لَا نَعْرِف

قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَة وَتِسْعِينَ اِسْمًا" فَهَذِهِ أَسْمَاء كَثِيرَة وَالْمُسَمَّى وَاحِد وَهُوَ اللَّه تَعَالَى وَأَيْضًا فَقَوْله " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاء " أَضَافَهَا إِلَيْهِ كَمَا قَالَ " فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبّك الْعَظِيم " وَنَحْو ذَلِكَ فَالْإِضَافَة تَقْتَضِي الْمُغَايَرَة وَقَوْله تَعَالَى " فَادْعُوهُ بِهَا " أَيْ فَادْعُوا اللَّهَ بِأَسْمَائِهِ وَذَلِكَ دَلِيل عَلَى أَنَّهَا غَيْره وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ الِاسْم هُوَ الْمُسَمَّى بِقَوْلِهِ تَعَالَى" تَبَارَكَ اِسْم رَبّك ذُو الْجَلَال وَالْإِكْرَام " وَالْمُتَبَارَك هُوَ اللَّه تَعَالَى وَالْجَوَاب أَنَّ الِاسْم مُعَظَّم لِتَعْظِيمِ الذَّات الْمُقَدَّسَة وَأَيْضًا فَإِذَا قَالَ الرَّجُل زَيْنَب طَالِق يَعْنِي اِمْرَأَته طَلُقَتْ , وَلَوْ كَانَ الِاسْم غَيْر الْمُسَمَّى لَمَا وَقَعَ الطَّلَاق , وَالْجَوَاب أَنَّ الْمُرَاد أَنَّ الذَّات الْمُسَمَّاة بِهَذَا الِاسْم طَالِق . قَالَ الرَّازِيّ : وَأَمَّا التَّسْمِيَة فَإِنَّهَا جَعْل الِاسْم مُعَيِّنًا لِهَذِهِ الذَّات فَهِيَ غَيْر الِاسْم أَيْضًا وَاَللَّه أَعْلَم " اللَّه " عَلَم عَلَى الرَّبّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُقَال إِنَّهُ الِاسْم الْأَعْظَم لِأَنَّهُ يُوصَف بِجَمِيعِ الصِّفَات كَمَا قَالَ تَعَالَى " هُوَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ عَالِم الْغَيْب وَالشَّهَادَة هُوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم هُوَ اللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْمَلِك الْقُدُّوس السَّلَام الْمُؤْمِن الْمُهَيْمِن الْعَزِيز الْجَبَّار الْمُتَكَبِّر سُبْحَان اللَّه عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّه الْخَالِق الْبَارِئ الْمُصَوِّر لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّح لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَهُوَ الْعَزِيز الْحَكِيم " فَأَجْرَى الْأَسْمَاء الْبَاقِيَةَ كُلّهَا صِفَات لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا " وَقَالَ تَعَالَى " قُلْ اُدْعُوا اللَّهَ أَوْ اُدْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَة وَتِسْعِينَ اِسْمًا مِائَة إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة " وَجَاءَ تَعْدَادهَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَهْ وَبَيْن الرِّوَايَتَيْنِ اِخْتِلَاف زِيَادَة وَنُقْصَان وَقَدْ ذَكَرَ الرَّازِيّ فِي تَفْسِيره عَنْ بَعْضهمْ أَنَّ لِلَّهِ خَمْسَة آلَاف اِسْم أَلْف فِي الْكِتَاب وَالسُّنَّة الصَّحِيحَة وَأَلْف فِي التَّوْرَاة وَأَلْف فِي الْإِنْجِيل وَأَلْف فِي الزَّبُور وَأَلْف فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ . وَهُوَ اِسْم لَمْ يُسَمَّ بِهِ غَيْره تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلِهَذَا لَا يُعْرَف فِي كَلَام الْعَرَب لَهُ اِشْتِقَاق مِنْ فَعَلَ يَفْعَل فَذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ مِنْ النُّحَاة إِلَى أَنَّهُ اِسْم جَامِد لَا اِشْتِقَاق لَهُ وَقَدْ نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيّ عَنْ جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء مِنْهُمْ الشَّافِعِيّ وَالْخَطَّابِيّ وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيّ وَغَيْرهمْ وَرُوِيَ عَنْ الْخَلِيل وَسِيبَوَيْهِ أَنَّ الْأَلِف وَاللَّامَ فِيهِ لَازِمَة قَالَ الْخَطَّابِيّ أَلَا تَرَى أَنَّك تَقُول يَا اللَّه وَلَا تَقُول يَا الرَّحْمَن فَلَوْلَا أَنَّهُ مِنْ أَصْل الْكَلِمَة لَمَا جَازَ إِدْخَال حَرْف النِّدَاء عَلَى الْأَلِف وَاللَّام وَقِيلَ إِنَّهُ مُشْتَقّ وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِ رُؤْبَةَ بْن الْعَجَّاج : لِلَّهِ دَرّ الْغَانِيَات الْمُدَّهِ سَبَّحْنَ وَاسْتَرْجَعْنَ مِنْ تَأَلُّهِي فَقَدْ صَرَّحَ الشَّاعِر بِلَفْظِ الْمَصْدَر وَهُوَ التَّأَلُّه مِنْ أَلِه يَأْلَهُ إِلَاهَة وَتَأَلُّهًا كَمَا رُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَرَأَ " وَيَذَرك وَإِلَاهَتك " قَالَ عِبَادَتك أَيْ أَنَّهُ كَانَ يُعْبَد وَلَا يَعْبُد وَكَذَا قَالَ مُجَاهِد وَغَيْره وَقَدْ اِسْتَدَلَّ بَعْضهمْ عَلَى كَوْنه مُشْتَقًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى" وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ " كَمَا قَالَ تَعَالَى" وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ " وَنَقَلَ سِيبَوَيْهِ عَنْ الْخَلِيل أَنَّ أَصْلَهُ إِلَاه مِثْل فِعَال فَأُدْخِلَتْ الْأَلِف وَاللَّام بَدَلًا مِنْ الْهَمْزَة قَالَ سِيبَوَيْهِ مِثْل النَّاس أَصْله أُنَاس وَقِيلَ أَصْل الْكَلِمَة لَاه فَدَخَلَتْ الْأَلِف وَاللَّام لِلتَّعْظِيمِ وَهَذَا اِخْتِيَار سِيبَوَيْهِ . قَالَ الشَّاعِر : لَاه اِبْن عَمّك لَا أَفَضَلْت فِي حَسَب عَنِّي وَلَا أَنْتَ دَيَّانِي فَتَخْزُونِي قَالَ الْقُرْطُبِيّ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَيْ فَتَسُوسنِي وَقَالَ الْكِسَائِيّ وَالْفَرَّاء أَصْله الْإِلَه حَذَفُوا الْهَمْزَة وَأَدْغَمُوا اللَّام الْأُولَى فِي الثَّانِيَة كَمَا قَالَ " لَكِنَّا هُوَ اللَّه رَبِّي " أَيْ لَكِنْ أَنَا وَقَدْ قَرَأَهَا كَذَلِكَ الْحَسَن قَالَ الْقُرْطُبِيّ ثُمَّ قِيلَ هُوَ مُشْتَقّ مِنْ وَلِهَ إِذَا تَحَيَّرَ وَالْوَلَه ذَهَاب الْعَقْل يُقَال رَجُل وَالِهٌ وَامْرَأَة وَلْهَى وَمَوْلُوهَةٌ إِذَا أُرْسِل فِي الصَّحْرَاء فَاَللَّه تَعَالَى يُحَيِّر أُولَئِكَ فِي الْفِكْر فِي حَقَائِق صِفَاته فَعَلَى هَذَا يَكُون وِلَاه فَأُبْدِلَتْ الْوَاو هَمْزَة كَمَا قَالُوا فِي وِشَاح إِشَاح وَوِسَادَة إِسَادَة وَقَالَ الرَّازِيّ وَقِيلَ إِنَّهُ مُشْتَقّ مِنْ أَلِهْت إِلَى فُلَان أَيْ سَكَنْت إِلَيْهِ فَالْعُقُول لَا تَسْكُن إِلَّا إِلَى ذِكْرِهِ وَالْأَرْوَاح لَا تَفْرَحُ إِلَّا بِمَعْرِفَتِهِ لِأَنَّهُ الْكَامِلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ دُونَ غَيْرِهِ قَالَ اللَّه تَعَالَى" أَلَا بِذِكْرِ اللَّه تَطْمَئِنّ الْقُلُوب الَّذِينَ آمَنُوا " قَالَ وَقِيلَ مِنْ لَاهَ يَلُوهُ إِذَا اِحْتَجَبَ وَقِيلَ اِشْتِقَاقه مِنْ أَلِهِ الْفَصِيل أَوْلَعَ بِأُمِّهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعِبَاد مَأْلُوهُونَ مُولَعُونَ بِالتَّضَرُّعِ إِلَيْهِ فِي كُلّ الْأَحْوَال قَالَ : وَقِيلَ مُشْتَقّ مِنْ أَلِهَ الرَّجُل يَأْلَه إِذَا فَزِعَ مِنْ أَمْر نَزَلَ بِهِ فَأَلِههُ أَيْ أَجَارَهُ فَالْمُجِير لِجَمِيعِ الْخَلَائِق مِنْ كُلّ الْمَضَارّ هُوَ اللَّه سُبْحَانه لِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَهُوَ يُجِير وَلَا يُجَار عَلَيْهِ " وَهُوَ الْمُنْعِم لِقَوْلِهِ تَعَالَى" وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَة فَمِنْ اللَّه " وَهُوَ الْمُطْعِم لِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَهُوَ يُطْعِم وَلَا يُطْعَم " وَهُوَ الْمُوجِد لِقَوْلِهِ تَعَالَى " قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْد اللَّهِ " وَقَدْ اِخْتَارَ الرَّازِيّ أَنَّهُ اِسْم غَيْر مُشْتَقّ الْبَتَّة قَالَ وَهُوَ قَوْل الْخَلِيل وَسِيبَوَيْهِ وَأَكْثَر الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاء ثُمَّ أَخَذَ يَسْتَدِلّ عَلَى ذَلِكَ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُشْتَقًّا لَاشْتَرَكَ فِي مَعْنَاهُ كَثِيرُونَ وَمِنْهَا أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَسْمَاء تُذْكَر صِفَات لَهُ فَتَقُول اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم الْمَلِك الْقُدُّوس فَدَلَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُشْتَقٍّ قَالَ : فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى " الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللَّهِ " عَلَى قِرَاءَة الْجَرِّ فَجُعِلَ ذَلِكَ فِي بَاب عَطْف الْبَيَان وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى" هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا " وَفِي الِاسْتِدْلَال بِهَذِهِ عَلَى كَوْن هَذَا الِاسْم جَامِدًا غَيْر مُشْتَقّ نَظَر وَاَللَّه أَعْلَم. وَحَكَى الرَّازِيّ عَنْ بَعْضهمْ أَنَّ اِسْم اللَّه تَعَالَى عِبْرَانِيّ ثُمَّ ضَعَّفَهُ وَهُوَ حَقِيق بِالتَّضْعِيفِ كَمَا قَالَ وَقَدْ حَكَى الرَّازِيّ هَذَا الْقَوْل ثُمَّ قَالَ : وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَلَائِق قِسْمَانِ وَاصِلُونَ إِلَى سَاحِل بَحْر الْمَعْرِفَة وَمَحْرُومُونَ قَدْ بَقُوا فِي ظُلُمَات الْحَيْرَة وَتِيه الْجَهَالَة فَكَأَنَّهُمَا قَدْ فَقَدُوا عُقُولهمْ وَأَرْوَاحهمْ وَأَمَّا الْوَاجِدُونَ فَقَدْ وَصَلُوا إِلَى عَرْصَة النُّور وَفُسْحَة الْكِبْرِيَاء وَالْجَلَال فَتَاهُوا فِي مَيَادِين الصَّمَدِيَّة وَبَادُوا فِي عَرْصَة الْفَرْدَانِيَّة فَثَبَتَ أَنَّ الْخَلَائِق كُلّهمْ وَالِهُونَ فِي مَعْرِفَته وَرُوِيَ عَنْ الْخَلِيل بْن أَحْمَد أَنَّهُ قَالَ لِأَنَّ الْخَلْق يَأْلَهُونَ إِلَيْهِ بِفَتْحِ اللَّام وَكَسْرهَا لُغَتَانِ وَقِيلَ إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ الِارْتِفَاع فَكَانَتْ الْعَرَب تَقُول لِكُلِّ شَيْء مُرْتَفِع لَاهًا وَكَانُوا يَقُولُونَ إِذَا طَلَعَتْ الشَّمْس لَاهَتْ وَقِيلَ إِنَّهُ مُشْتَقّ مِنْ أَلِهَ الرَّجُل إِذَا تَعَبَّدَ وَتَأَلَّهَ إِذَا تَنَسَّكَ . وَقَرَأَ اِبْن عَبَّاس " وَيَذَرك وَإِلَاهَتك " وَأَصْل ذَلِكَ الْإِلَه فَحُذِفَتْ الْهَمْزَة الَّتِي هِيَ فَاء الْكَلِمَة فَالْتَقَتْ اللَّام الَّتِي هِيَ عَيْنهَا مَعَ اللَّام الزَّائِدَة فِي أَوَّلهَا لِلتَّعْرِيفِ فَأُدْغِمَتْ إِحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى فَصَارَتَا فِي اللَّفْظ لَامًا وَاحِدَة مُشَدَّدَة وَفُخِّمَتْ تَعْظِيمًا فَقِيلَ اللَّه

الموفية عشرين - قوله: الله هذا الأسم أكبر أسمائه سبحانه وأجمعها، حتى قال بعض العلماء: إنه اسم الله الأعظم ولم يتسم به غيره؛ ولذلك لم يثن ولم يجمع ، وهو أحد تأويلي قوله تعالى: هل تعلم له سميا أي من تسمى بأسمه الذي هو الله . فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهية، المنعوت بنعوت الربوبية، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو سبحانه. وقيل: معناه الذي يستحق أن يعبد. وقيل: معناه واجب الوجود الذي لم يزل ولا يزال؛ والمعنى واحد.
قُلْت وَقَدْ مَضَى هَذَا مُبَيَّنًا فِي الْبَسْمَلَة وَالْحَمْد لِلَّهِ رَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد ( هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا ) قَالَ : مِثْلًا . اِبْن الْمُسَيِّب : عَدْلًا . قَتَادَة وَالْكَلْبِيّ : هَلْ تَعْلَم أَحَدًا يُسَمِّي اللَّه تَعَالَى غَيْر اللَّه أَوْ يُقَال لَهُ اللَّه إِلَّا اللَّه وَهَلْ بِمَعْنَى لَا أَيْ لَا تَعْلَم وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَم .
هُوَ "رَبّ" مَالِك "السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَيْنهمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ" أَيْ : اصْبِرْ عَلَيْهَا "هَلْ تَعْلَم لَهُ سَمِيًّا" مُسَمًّى بِذَلِكَ ؟ لَا

قَالَ : ثنا الْحَكَم بْن أَبَان , عَنْ عِكْرِمَة : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } قَالَ : أَبُو بَكْر وَعُمَر . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : هُمْ الْأُمَرَاء وَالْوُلَاة , لِصِحَّةِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَمْرِ بِطَاعَةِ الْأَئِمَّة وَالْوُلَاة فِيمَا كَانَ طَاعَة وَلِلْمُسْلِمِينَ مَصْلَحَة . كَاَلَّذِي : 7804 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُسْلِم الطُّوسِيّ قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي فُدَيْك , قَالَ : ثني عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عُرْوَة , عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة , عَنْ أَبِي صَالِح السَّمَّان , عَنْ أَبِي هُرَيْرَة , أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " سَيَلِيكُمْ بَعْدِي وُلَاة , فَيَلِيكُمْ الْبَرّ بِبِرِّهِ وَالْفَاجِر بِفُجُورِهِ , فَاسْمَعُوا لَهُمْ وَأَطِيعُوا فِي كُلّ مَا وَافَقَ الْحَقّ , وَصَلُّوا وَرَاءَهُمْ فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ , وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ " . 7805 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا يَحْيَى عَنْ عُبَيْد اللَّه , قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِع , عَنْ عَبْد اللَّه , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " عَلَى الْمَرْء الْمُسْلِم الطَّاعَة فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ إِلَّا أَنْ يُؤْمَر بِمَعْصِيَةٍ فَمَنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا طَاعَة " . * - حَدَّثَنِي اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثني خَالِد عَنْ عُبَيْد اللَّه , عَنْ نَافِع , عَنْ اِبْن عُمَر , عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , نَحْوه . فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَا طَاعَة وَاجِبَة لِأَحَدٍ غَيْر اللَّه أَوْ رَسُوله أَوْ إِمَام عَادِل , وَكَانَ اللَّه قَدْ أَمَرَ بِقَوْلِهِ : { أَطِيعُوا اللَّه وَأَطِيعُوا الرَّسُول وَأُولِي الْأَمْر مِنْكُمْ } بِطَاعَةِ ذَوِي أَمْرنَا , كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ الَّذِينَ أَمَرَ بِطَاعَتِهِمْ تَعَالَى ذِكْره مِنْ ذَوِي أَمْرنَا هُمْ الْأَئِمَّة وَمَنْ وَلَّاهُ الْمُسْلِمُونَ دُون غَيْرهمْ مِنْ النَّاس , وَإِنْ كَانَ فَرْضًا الْقَبُول مِنْ كُلّ مَنْ أَمَرَ بِتَرْكِ مَعْصِيَة اللَّه , وَدَعَا إِلَى طَاعَة اللَّه , وَأَنَّهُ لَا طَاعَة تَجِب لِأَحَدٍ فِيمَا أَمَرَ وَنَهَى فِيمَا لَمْ تَقُمْ حُجَّة وُجُوبه إِلَّا لِلْأَئِمَّةِ الَّذِينَ أَلْزَمَ اللَّه عِبَاده طَاعَتهمْ فِيمَا أَمَرُوا بِهِ رَعِيَّتهمْ مِمَّا هُوَ مَصْلَحَة لِعَامَّةِ الرَّعِيَّة , فَإِنَّ عَلَى مَنْ أَمَرُوهُ بِذَلِكَ طَاعَتهمْ , وَكَذَلِكَ فِي كُلّ مَا لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ مَعْصِيَة . وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ صِحَّة مَا اِخْتَرْنَا مِنْ التَّأْوِيل دُون غَيْره .

.
اذا كنت تقصد الكلمة فهى تطورت عبر الازمان وتبعا للغات فمثلا بالعربية الله ولها مشتقات قديمة
وبالعبرية الوهيم ولها مشتقات ايضا وهكذا

اما اذا كنت تقصد المعنى فالصورة الالهية تختلف تبعا للدين المؤمن بها  فمثلا المسيحيين يؤمنون بالاب والابن والروح القدس وكلهم اله واحد هناك ناس يعبدون الاصنام ويسمون كل منها الله وهناك من يعبد البشر ايضا ويسمونه الله والشاعر والرسول كما فى الصين  وهناك من يعبدون الابقار وهكذا

سئل الشيخ ابن عثيمين عن ذلك وفيما يلي نص السؤال والجواب :
ما حكم التسمية بأسماء الله مثل كريم وعزيز ونحوهما ؟
التسمي بأسماء الله عز وجل يكون على وجهين :
الوجه الأول : وهو على قسمين :
القسم الأول أن يحلى بـ " ال " ففي هذه الحال لا يسمى به غير الله عز وجل ، كما لو سميت أحداً بالعزيز والسيد والحكيم وما أشبه ذلك ، فإن هذا لا يسمى به غير الله لأن " ال " هذه تدل على لمح الأصل وهو المعنى الذي تضمنه هذا الاسم .
القسم الثاني : إذا قصد بالاسم معنى الصفة وليس محلى بـ " ال " فإنه لا يسمى به ولهذا غير النبي صلى الله عليه وسلم كنية أبي الحكم التي تكنى بها ، لأن أصحابه يتحاكمون إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن الله هو الحكم وإليه الحكم " ثم كناه بأكبر أولاده شريح فدل ذلك على أنه إذا تسمى أحد باسم من أسماء الله ملاحظاً بذلك معنى الصفة التي تضمنها هذا الاسم فإنه يمنع ، لأن هذه التسمية تكون مطابقة تماماً لأسماء الله سبحانه وتعالى فإن أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف لدلالتها على المعنى الذي تضمنه الاسم 0
الوجه الثاني : أن يتسمى بالاسم غير محلى بـ "ال" وليس المقصود به معنى الصفة فهذا لا بأس به مثل حكيم ، ومن أسماء بعض الصحابة حكيم بن حزام الذي قال له النبي عليه الصلاة والسلام :" لا تبع ما ليس عندك " وهذا دليل على أنه إذا لم يقصد بالاسم معنى الصفة فإنه لا بأس به 0
لكن في مثل جبار لا ينبغي أن يتسمى به وإن كان لم يلاحظ الصفة وذلك لأنه قد يؤثر في نفس المسمى فيكون معه جبروت وعلو واستكبار على الخلق فمثل هذه الأشياء التي قد تؤثر على صاحبها ينبغي للإنسان أن يتجنبها والله أعلم 0
ما حكم التسمي بأسماء الله تعالى مثل الرحيم والحكيم ؟
يجوز أن يسمى الإنسان بهذه الأسماء بشرط ألا يلاحظ فيها المعنى الذي اشتقت منه بأن تكون مجرد علم فقط ومن أسماء أصحابه الحكم وحكيم بن حزام ، وكذلك اشتهر بين الناس اسم عادل وليس بمنكر وأما إذا لوحظ فيه المعنى الذي اشتقت منه هذه الأسماء فإن الظاهر أنه لا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم غير اسم أبي الحكم الذي تكني به لكون قومه يتحاكمون إليه ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن الله هو الحكم وإليه الحكم ، ثم كناه بأكبر اولاده شريح وقال له " أنت أبو شرح " وذلك أن هذه الكنية التي تكنى بها هذا الرجل لوحظ فيها معنى الاسم فكان هذا مماثلاً لأسماء الله سبحانه وتعالى ، لأن أسماء الله عز وجل ليست مجرد أعلام بل هي أعلام من حيث دلالتها على ذات الله سبحانه وتعالى وأوصاف من حيث دلالتها على المعنى الذي تتضمنه وأما أسماء غيره سبحانه وتعالى فإنها مجرد أعلام إلا أسماء النبي صلى الله عليه وسلم فإنها أعلام وأوصاف وكذلك أسماء كتب الله عز وجل فهي أعلام وأوصاف أيضاً ا هـ 0
ويلاحظ أن الشيخ ابن عثيمين في السؤال الثاني جعل العبرة أن تكون الأسماء لمجرد العلمية وظاهره ولو كان محلى بأل خلافاً لما فصله في السؤال السابق 0
والذي عليه ظاهر الإطلاق في هذا الجواب هو ظاهر إطلاق اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الفتوى رقم 11865
هل يصح ما يأتي دليلاً على تحريم تسمية الخلق بأسماء الخالق ؟
أ‌-    حيث إن تسمية المخلوق بالاسم العلم ( الله ) ممنوعة ، كانت تسمية المخلوق بأسماء الخالق الأخرى أيضاً ممنوعة إذ لا وجه للتفرقة بين أسماء الله تعالى ؟
ب‌-    من المعلوم في اللغة أن الجار والمجرور إذا سبق المعرفة أفاد القصر فملاحظ ذلك في قوله تعالى { ولله الأسماء الحسنى } فتفيد تسمية الآية قصر الأسماء الحسنى على الله وعدم جواز تسمية الخلق بها ، فهل يصح هذا دليلاً ؟
الجواب :
 ما كان من أسماء الله تعالى علم شخص كلفظ ( الله ) امتنع تسمية غير الله به لأن مسماه معين لا يقبل الشركة وكذا ما كان من أسمائه في معناه في عدم قبول الشركة كالخالق والبارىء فإن الخالق من يوجد الشيء على غير مثال سابق والبارىء من يوجد الشيء بريئا من العيب ، وذلك لا يكون إلا من الله وحده فلا يسمى به إلا الله تعالى ، أما ما كان له معنى كلي تتفاوت فيه أفراده من الأسماء والصفات كالملك ، والعزيز ، والجبار، والمتكبر ، فيجوز تسمية غيره بها فقد سمى الله نفسـه بهـذه الأسمـاء وسمى بعض عباده بها مثـال : قول تعالـى { قالت امرأة العزيز } وقال:{كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار} إلى أمثال ذلك ، ولا يلزم التماثل ، لاختصاص كل مسمى بسمات تميزه عن غيره وبهذا يعرف الفرق بين تسمية الله بلفظ
الجلالة وتسميته بأسماء لها معان كلية تشترك أفرادها فيها فلا تقاس على لفظ الجلالة أما الآية { ولله الأسماء الحسنى } فالمراد منها قصر كمال الحسن في أسمائه تعالى لأن كلمة الحسنى اسم تفضيل وهي صفة للأسماء لا قصر مطلق أسمائه عليه تعالى كما في قوله تعالى : {والله هو الغني الحميد} فالمراد قصر كمال الغنى والحمد عليه تعالى لا قصر اسم الغني والحميد عليه فإن غير الله يسمى غنياً وحميداً

س : إذا ثبت أن من أسماء الله تعالى ما يجوز تسمية الخلق بها فهل من أسماء الله تعالى مالا يجوز تسمية الخلق بها ؟ وهل يدخل ضمن هذا المنع الرحمن والقيوم وهل هناك أسماء أخرى لا يجوز وصف الخلق بها ؟
جـ: تقدم في جواب السؤال الثاني والثالث بيان الضابط مع أمثلة لما يجوز تسمية المخلوق به من أسماء الله تعالى وما لا يجوز وبناء على ذلك لا يجوز تسمية المخلوق بالقيوم لأن القيوم هو المستغني بنفسه عن غيره المفتقر إليه كل ما سواه وذلك مختص بالله لا يشركه فيه غيره قال ابن القيم رحمه الله في النونية : -



هذا ومن أوصافه القيوم
احداهما القيوم قام بنفسه
فالأول استغناؤه عن غيره
****
****
****
والقيوم في أوصافه أمران
والكون قام به هما الأمران
والفقر من كل إليه الثاني 
وكذا لا يسمى المخلوق بالرحمن لأنه بكثرة استعماله اسماً لله تعالى صار علماً بالغلبة عليه مختصاً به كلفظ الجلالة فلا يجوز تسمية غيره به
وسئلت اللجنة الدائمة في الفتوى رقم 8911 عن ذلك وفيما يلي نص السؤال والجواب :
يسعدني أن أتحدث في رسالتي المتواضعة إلى سماحتكم فأنا أتحدث إلى واحد من أشهر الشخصيات الإسلامية في عالمنا الإسلامي وغيره أرجو أن يتسع صدركم الكبير لقراءة هذه السطور ولكم من الله جزيل الشكر والعرفان وجزاكم الله خيراً عنا 0
(ذو الجلال والإكرام ) اسم من أسماء الله الحسنى وهو تعظيم لله عن كل شيء وتنزيه له وقد قرأت لسماحتكم رسالة مرسلة إلى العاهل السعودي وكنتم قد بدأتموها بقولكم " جلالة الملك " ألستم معي في أن الجلالة لله وحده وأن الملك اسم من أسمائه الحسنى لا يجوز تسمية شخص بها أيا كانت صفته وشخصيته فنرجو إيضاح ذلك من سماحتكم حتى لا يقع المسلمون في إثم من جراء تنزيه الأشخاص بهذه الصفات التي اختصها الله لنفسه دون غيره اللهم إلا " رؤوف رحيم " صفة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم 0
وفي نفس الوقت تصادفت تحت يدي وأنا أتصفح في المجلة العربية في العدد (89) منها رسالة شكر من الأستاذ / محمد النويصر رئيس المكتب الخاص للعاهل السعودي إلى القائمين على إخراج المجلة وهو يبدأ رسالته بقوله : ( لقد تسلم جلالة مولاي حفظه الله خطابكم المرسل وبه أعداد المجلة ……)
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه …….وبعد
إن كثيراً من الأسماء مشتركة بين الله تعالى وبين غيره من مخلوقاته في اللفظ والمعنى الكلي الذهني فتطلق على الله بمعنى يخصه تعالى ويليق بجلاله سبحانه وتطلق على المخلوق بمعنى يخصه ويليق به ، فيقال مثلاً : الله حليم ، وإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حليم ، وليس حلم إبراهيم كحلم الله ، والله رؤوف رحيم ومحمد صلى الله عليه وسلم رؤوف رحيم وليس رأفة محمد صلى الله عليه وسلم ورحمته كرأفة الله بخلقه ورحمته والله تعالى جليل كريم ذو الجلال والإكرام على وجه الإطلاق ، وكل نبي كريم جليل ، وليست جلالة كل نبي وكرمه كجلالة غيره من الأنبياء وكرمه ولا مثل جلال الله وكرمه بل لكل من الجلالة والكرم ما يخصه والله تعالى حي ، وكثير من مخلوقاته حي ، وليست حياتهم كحياة الله تعالى ، والله سبحانه مولى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وجبريل وصالح المؤمنين وليس ما لجبريل وصالح المؤمنين من ذلك مثل ما لله من الولاية والنصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ………..إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة المذكورة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه ، ولا يلزم من ذلك تشبيه المخلوق بالخالق في الاسم أو الصفة ، وأسلوب الكلام ، وما احتف به من القرائن يدل على الفرق بين ما لله من الكمال في أسمائه وصفاته وما للمخلوقات مما يخصهم من ذلك على وجه محدود يليق بهم أ 0 هـ
وبهذا يتبين لنا أن حكم تسمية الخلق بأسماء الخالق فيه تفصيل عند اللجنة الدائمة للإفتاء :
1-     أن هناك أسماء خاصة لله عز وجل لا يجوز أن يسمى غير الله به مثل : الله لرحمن الخالق البارئ القيوم ، وضابط هذا النوع هو ما كان مسماه معيناً لا يقبل الشركة ، أو ما كان في معنى عدم قبول الشركة كالخالق ونحوه 0
2-     أنه إذا قصد بالاسم معنى الصفة فإنه لا يجوز أن يسمى العبد سواء كان محل بألـ أو غير محلى 0
3-     أنه إذا لم يكن واحداً مما سبق فإنه يجوز أن يسمى به العبد ولو كان محلى بأل لأنه معنى كلي تتفاوت فيه أفراده كالملك والعزيز والجبار هذا ما كتبه المعاصرون في هذه المسألة أما الفقهاء السابقون من أصحاب المذاهب فإنهم قد تكلموا عن المسألة في كتاب الأيمان من كتب الفقه 0
ونظراً لكثرة الأقوال فيها فإنني سأقتصر على ذكر مذهب الحنابلة وسأشير إلى مراجع بقية المذاهب لمن أراد الاستزادة 0
ومذهب الحنابلة فيه تفصيل :
1-              هناك أسماء لا يسمى بها غير الله مثل :الله والقديم (1) الأزلي.
 ---------------------------------
(1)   اسم القديم لله ذكره الحنابلة وغيرهم ومن المعاصرين مال إليه الشيخ سليم الهلالى في كتابه دراسات منهجية في العقيدة السلفية ص 22 حيث قال : وقد ادعى بعض العلماء أن المتكلمين أدخلوا القديم في أسماء الله وهي لم ترد في الكتاب والسنة ثم نقل عن شـارح الطحاويـة ذلـك ثم قـال : أن القديم ورد و كصفة للرحمن كما فـي حديث ( وبسلطانه القديم ) صححه الألباني ا0هـ.
وقد أنكر شيخ الإسلام هذه التسمية في منهاج السنة النبوية ( 2/123) وابن القيم في بدائع الفوائد (1/162) .
و اضطرب كلام السفاريني في اللوامع فاثبته اسما لله في (1/38) ، وفي ص 40 وفي ص125 نقل عن ابن القيم ما يؤيد أنه ليس باسم وسكت عليه .
وانظر الحجة في بيان المحجة لقوام السنة (1/93) .


هل تسمية الناس بأسماء الله يعد شركا ؟

بعض الناس يقولون إن مناداة الآخرين باسم الله هو شرك ، وهذا من الصعب اعتقاده ، كون كل واحد يقول الإمام " مالك " ، ومثل أنس

بن " مالك " ، وحتى الله سمى خازن النار " مالك "، وأيضا الوهابيون اتبعوا " وهاب " ، وهو اسم من أسماء الله . إذًا أليس هؤلاء الذين

يقولون إن استخدام أسماء الله شرك هم أنفسهم مشركون ؟ أخبروني من فضلكم ما ينبغي علي فعله ؛ لأنه من الصعب أن أضيف "

عبد ال " مع كل اسم عندما أنادي أي شخص .

الجواب ..

الحمد لله ..

أسماء الله تعالى – من حيث اختصاصها به سبحانه – قسمان :

1-
أسماء مختصة به عز وجل ، لا تطلق إلا عليه ، ولا تنصرف إلا إليه ، كاسم " الله " ، و "الرب" ، و " الرحمن " ، و " الأحد " ، و " الصمد

"
، و " المتكبر " ، ونحوها . فهذه لا يجوز أن يتسمى بها البشر باتفاق أهل العلم .

2-
أسماء لا تختص به سبحانه ، ويجوز إطلاقها على البشر ، وكذلك يجوز التسمي بها ، مثل : سميع ، بصير ، علي ، حكيم ، رشيد ،

وقد كان من مشاهير الصحابة من يتسمى بهذه الأسماء ، مثل علي بن أبي طالب ، وحكيم بن حزام رضي الله عنهم .

فالممنوع فقط هي الأسماء المختصة بالرب عز وجل ، مثل : الله ، الرحمن .

جاء في حاشية كتاب "أسنى المطالب شرح روض الطالب" (4/243) من كتب الشافعية :

"
جواز التسمية بأسماء الله تعالى التي لا تختص به ، أما المختص به فيحرم ، وبذلك صرح النووي في شرح مسلم " انتهى . وقرر بعض

فقهاء الحنفية ذلك بقولهم : " التسمية باسم الله يوجد في كتاب الله تعالى : كالعلي والكبير والرشيد والبديع جائز ؛ لأنه من الأسماء

المشتركة ، ويراد به في حق العباد غير ما يراد به في حق الله تعالى " انتهى .

وانظر: "بريقة محمودية" (3/234) نقلا عن التتارخانية .

وهو المفهوم من كلام ابن القيم رحمه الله حيث يقول :

"
ومما يُمنع تسمية الإنسان به : أسماء الرب تبارك وتعالى ، فلا يجوز التسمية بالأحد ، والصمد ، ولا بالخالق ، ولا بالرازق ، وكذلك سائر

الأسماء المختصة بالرب تبارك وتعالى ، ولا تجوز تسمية الملوك بالقاهر ، والظاهر ، كما لا يجوز تسميتهم بالجبار ، والمتكبر ، والأول ،

والآخر ، والباطن ، وعلام الغيوب " انتهى.

"
تحفة المودود" (ص/125)

وبناء عليه ، فلا حرج من التسمي باسم " مالك " ونحوه ، ولا يجب إضافة التعبيد إليه كما يظن الأخ السائل .

وكذلك لا حرج على من ينادي الشخص المسمى بـ " عبد الحكيم "، بـ " حكيم "، فهو من الأسماء التي يجوز أن يتسمى بها الناس ، ولا

تختص بالله سبحانه ، وإن كان الأولى نداؤه بما يحب من اسمه الذي سماه به والده .

ولا نعلم أحدا من أهل العلم يتَّهِم من يتسمَّى بهذه الأسماء بالشرك والكفر ، والنصيحة للأخ السائل ألا يتسرَّعَ في اتهام المسلمين من

غير تثبت ، وإلا وقع فيما يذمه وينتقده .

كما ننصح جميع إخواننا المسلمين ألا يعترضوا على الأحكام الشرعية قبل التَبَيُّن والتثبت .

وأما تسمية طائفة باسم " وهابيون " فلا نعلم أحدا يتسمى به ، وإنما أطلق هذا الاسم : بعض أعداء دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب

، وبعض الجهات الرسمية في فترة من الفترات لتحقيق مصالحها التي تعارضت مع انتشار دعوة التوحيد على يديه ، ثم تتابع كثير من

الناس – عمدا أو خطأ – على هذه التسمية الخطأ . يرجى مراجعة الجواب رقم : (36616)

وانظر في آداب تسمية الأبناء (7180)

والله أعلم .
إ
}


داب تسمية الأبناء
السؤال:
أريد تسمية ابني، فما الآداب الشرعية في ذلك؟
الجواب:
الحمد لله
لا شك أن مسألة الأسماء من المسائل المهمة في حياة الناس، إذ الاسم عنوان المسمى ودليل عليه وضرورة للتفاهم معه ومنه وإليه، وهو للمسمى زينة ووعاء وشعار يُدعى به في الآخرة والأولى، وتنويه بالدين، وإشعار بأنه من أهل هذا الدين، وهو في طبائع الناس له اعتباراته ودلالاته، فهو عندهم كالثوب، إن قَصُر شان، وإن طال شان.
والأصل في الأسماء الإباحة والجواز، غير أن هناك بعض المحاذير الشرعية التي ينبغي اجتنابها عند اختيار الأسماء منها:
- 1
التعبيد لغير الله عز وجل، سواء لنبي مرسل أو ملك مقرب، فلا يجوز التعبيد لغير الله عز وجل مطلقا، ومن الأسماء المعبدة لغير الله عبدالرسول، عبدالنبي، عبدالأمير، وغيرها من الأسماء التي تفيد التعبيد أو الذلة لغير الله عز وجل. وهذه الأسماء يجب تغييرها لمن تسمى بها أو سماه أهله بها، قال الصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: كان اسمي عبد عمرو -وفي رواية عبدالكعبة-، فلما أسلمت سماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدالرحمن. رواه الحاكم ووافقه الذهبي.
- 2
التسمية باسم من أسماء الله تبارك وتعالى، التي اختص بها نفسه سبحانه، كأن يسمي الخالق أو الرازق أو الرب أو الرحمن ونحوها مما اختص بها الله عز وجل، أو باسم لا يصدق وصفه لغير الله عز وجل مثل ملك الملوك، أو القاهر ونحوه، وهذا النوع من الأسماء يحرم التسمي به ويجب تغييره. قال الله عز وجل: (هل تعلم له سميا).
- 3
التسمي بأسماء الكفار الخاصة بهم، الدالة عليهم دون غيرهم، مثل عبدالمسيح وبطرس وجرجس ونحوها من الأسماء الدالة على ملة الكفر.
-4
التسمي بأسماء الأصنام أو الطواغيت المعبودة من دون الله، كالتسمي بشيطان ونحوه.
وكل ما سبق من الأسماء لا يجوز التسمي به بل هو حرام، وعلى من تسمى به أو سماه به غيره أن يغيره.
-
يكره التسمي بما تنفر النفوس من معناه من الأسماء، إما لما يحمله من معنى قبيح أو مثير للسخرية، كما أن فيه مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بتحسين الأسماء، ومثال ذلك اسم حرب، ورشاش، وهيام وهو اسم مرض يصيب الإبل ونحوها من الأسماء التي تحمل معان قبيحة وغير حسنة.
-
يكره التسمي بأسماء فيها معان رخوة أو شهوانية، ويكثر هذا في تسمية الإناث، مثل بعض الأسماء التي تحمل أوصافا جنسية أو شهوانية.
-
يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق من المغنيين والمغنيات والممثلين والممثلات ونحوهم، فإن كانوا يحملون أسماء حسنة فيجوز التسمي بها لكن لأجل معانيها الحسنة وليس لأجل التشبه بهم أو تقليدهم.
-
يكره التسمي بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية، مثل سارق وظالم، أو التسمي بأسماء الفراعنة والعصاة مثل فرعون وهامان وقارون.
-
ويكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة، مثل الحمار والكلب والقرد ونحوها.
-
تكره التسمية بكل اسم مضاف إلى الدين والإسلام، مثل نور الدين وشمس الدين وكذلك نور الإسلام وشمس الإسلام، لما فيها من إعطاء المسمى فوق حقه، وقد كان علماء السلف يكرهون تلقيبهم بهذه الألقاب، فقد كان الإمام النووي رحمه الله تعالى يكره تلقيبه بمحيي الدين، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كان يكره تلقيبه بتقي الدين وكان يقول: لكن أهلي لقبوني بذلك فاشتهر.
-
وتكره الإضافة إلى اسم الله عز وجل غير عبدالله، وذلك مثل حسب الله، ورحمة الله ونحوه. وكذلك الإضافة إلى لفظ الرسول.
-
ويكره التسمي بأسماء الملائكة، وكذلك بأسماء سور القرآن مثل طه ويس ونحوها، وهذه الأسماء هي من الحروف المقطعة وليست من أسماء النبي صلى الله عليه وسلم. انظر تحفة المودود لابن القيم رحمه الله تعالى.
وهذه الأسماء المكروهة، إنما يكره التسمي بها ابتداء، أما من سماه أهله بذلك وقد كبر ويصعب عليه تغييرها فلا يجب عليه التغيير.
ومراتب الأسماء أربعة:
المرتبة الأولى: اسم عبدالله واسم عبدالرحمن، وذلك لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أحب الأسماء إلى الله عبدالله وعبدالرحمن). رواه مسلم في صحيحه. [ملاحظة: حديث (خير الأسماء ما عُبِّد وحمّد) حديث ضعيف].
المرتبة الثانية: سائر الأسماء المعبدة لله عز وجل: مثل عبدالعزيز وعبدالرحيم وعبدالملك وعبدالإله وعبدالسلام وغيرها من الأسماء المعبدة لله عز وجل.
المرتبة الثالثة: أسماء الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، ولا شك أن خيرهم وأفضلهم وسيدهم هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن أسمائه كذلك أحمد، ثم أولو العزم من الرسل وهم إبراهيم وموسى وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام، ثم سائر الأنبياء والمرسلين عليهم جميعا صلوات الله وسلامه.
المرتبة الرابعة: أسماء عباد الله الصالحين، وعلى رأسهم صحابة نبينا الكريم، فيستحب التسمي بأسمائهم الحسنة إقتداء بهم وطلبا لرفعة الدرجة.
المرتبة الخامسة: كل اسم حسن ذو معنى صحيح جميل.
ويحسن مراعاة بعض الأمور عند تسمية الأبناء منها:
الشيخ محمد صالح المنجد
الإسلام سؤال وجواب